أنا ضمئٍه ! ..
و لن يرويني ماء الحياة ..
فعطشي ليس يحتاج إلى ماء ..
عطشي يحتاج مشاعر بحجم السماء ...
لن يرويه حتى ثلج الشتاء ..!
و لن تكفي البحار لسقياه ..
عطشي انا هو ( رحيل الاعزاء )
قصة نسجت خيوطها المعاناة لتتمثل لكم في سطور معدودة تقرءونها و تحبونها تتأثرون لأحداثها
قصة ترتيل ذات الشعر الأسيل و الإحساس السيل ..
في صباح السبت البارد خلف نافذة زجاج كنت اقف انا احب تلك النافذة تذكرني برحيل أبي !
أجل رحل .. رحل عندما كنت ابلغ من عمري خمسة سنوات بالتحديد كنت كذالك اترقب نزول قطرات المطر و بابتسامتي العذبة مع كل قطرة تنساب على الزجاج ارمش انا انظرووا ..!
انه ابي عاد من عمله خطوات تعبه مرهقه ..ماذا به !
سقط ..أبي سقط ..
خرجت اجري له و امي تصرخ تبكي مآبه لماذا سقط هكذا
فقط اقربت منه قليلا ووضعت يدي اوقظه .. هناك شيء رطب !
دم انه دم ابي مرة احداث اليوم مسرعة و انا واقفة في ناصية الطريق اتأمل يدي التي تقطر دم ابي !
بحزن .. بدموع .. بلا حراك فقط تأمل كسير
التزمت سكوتي حتى يومي هذا لم انطق كلمة واحده !
اصبت بصدمة حرمتني سماع صوتي للأبد و حرمت الكل صوتي لا استطيع الكلام حاولت ولم افلح حتى لم اترك طبيب إلا وقد ذهبت له و كأني لم اذهب !
ربما لان الصدمة كانت يومها تفوقني حجماً و قوة و ربما إن قلبي لم يتحملها فظل السكوت بحزنه عوضاً عن اظهار البكاء بصوته
احب تلك النافذة اجل فكلما جلست وراءها تذكرة وجه أبي الباسم الذي يبهج قلبي وجهه قبل رحيله و يديه تلوح لي اتذكرها جيدا ولن انساها
عمري الآن 20 سنه اعيش مع امي و خالتي رهام ليس لدي اخوة وحيدة شبه منعزلة
فقط احب أن اعوم في خيالي عندما امسك فرشاتي و بجانبي الألوان اكون بها لوحات أخاذة الجمال متألقة الذوق احب ذلك الوقت الذي اقضيه في رسمها و كل شهرين تقريبا افتتح معرض كبير اضع فيه لوحاتي خلال انقضاء الشهرين ياتي الكثير من الزوار و اسعد اكثر عندما تعجبهم رسوماتي
مر شهر
الام : ترتيل تعالي للغداا
الخالة رهام : هيا يا بنت
نزلت من درجات الطابق العلوي اترنح اشعر بقليل من التعب لا اعلم لما ..!
لا يهم فقط سأذهب للغداء مع امي وخالتي
وجلست تناولت الطعام و عدت لعزلتي في الغرفة اكمل لوحاتي بقيت خالتي و امي تتحدثان بصوت شبه مرتفع هما لم تدركان اني اسمعهم جيدا
الام : ترتيل ما تتحسن و انا ارى الوضع للأسوأ !
الخالة رهام : كانت صدمة قوية وكانت هي صغيرة في عمر الزهور
الأم : بنتي تموت ببطء و سكوت و انا اراقب ! رحل والدها لا اريدها ان ترحل بذلك السكوت المخيف
الخالة رهام : عزيزتي الأيام تمضي ربما هناك من يأتي ليبعث فيها روح السعادة من جديد و تعود لتغرد كعصفور سعيد
الأم : اتمنى فقط لو يأتي بسرعة قبل أن ارحل انا
الخالة رهام : كفي عن كلماتك المؤلمه المحزنة فمن حزن على حزنه مات قبل
ان تؤخذ روحه !
الأم : صدقتي
لا زلت انا انصت لهما كم هما جميلتان حقا اتمنى لو اقدر ان اتحدث لكن هي مجرد أمنيه !
اعتقد أني يأسه .. لا انا غير ملامة ليتي فقدت أبي دون ان ابصر و اسمع و اتكلم فقط اتنفس لكان افضل
يالهي ما هذا الذي اقوله ..
دخلت إلى مرسمي و انا ابتسم لا اعلم سبب تلك البسمة لكن اشعر
بشيء جميل قادم
مضت اسبوعان حاان وقت عرض لوحاتي اليوم يالهي كم انا متوترة سأقف
هنا و الجميع ينظرون لتلك الخربشات التي رسمتها ثم تلتفت اعينهم لي و كل عين تحمل نظرات مختلفة
هاهم يدخلوا للمعرض و انا واقفة بأبستامه صامته
غريب ! كان بين الزوار شاب لم يحدق بأي لوحة فقط بقي ينظر لي بابتسامه باردة و جميلة
لماذا اشعر هكذا هل انا متوترة أم الخوف من تلك النظرات يحاصرني التفتت بسرعة فقد اطال النظر .. !
نهاية اليوم ..
اخيرا انا على سريري الدافئ يتملكني الإرهاق و بعض المشاعر المجهولة التي
تجعل لقلبي خفقات متتابعة
لا يهم ربما هي احدى اعراض الارهاق ..
تسلل النوم لأجفاني بهدوء و اخذني للأحلام
كل ما يدور بقلبي يمتزج مع عقلي و يتمتمان الأبيات :
تخنقني لحظات الوداع تماما كما تنعشني ساعات اللقاء
الرحيل مر و الأمر منه الموت حياً و البقاء !
لو أن الجسد يرحل مع القلب الكسير ..
لو أن الذاهبون مع القدر يتيحون لنا الرفقه !
صعب جدا محاولة العيش بنصف احساس
و التنفس و انت تختنق بالبكاء ..
ثم مر حلمي ليوقظني نور الصباح .. كعادتي الكسيرة اذهب للجلوس هناك مع قهوتي و ابتسم و الدموع تقطر من عيني
ما هذا لا أزال عالقة بتلك الذكريات لماذا لا استطيع الهروب منها !
ااه لا يهم اظنني سأعيش اسيرتها
لفت نظري وجود جار جديد امامنا ذلك الشاب مألوف !
سأذهب و القي لهم تحيتي مع بعض الكعك فهم سيشاركوننا ذكرى ذلك
الشارع الصامت
نزلت للأسفل و ذهبت ثم طرقت باب منزلهم فتح شاب لي الباب و قال مرحبا
لم استطع الرد فقط مددت يدي لأصافحه و ابتسمت ثم اسرعت بالدخول للمنزل ..
نظرت باختلاس له من نافذة المنزل و اراه واقف مكانه ينظر الى منزلي بابتسامه
و يحك راسه
هههههه كم شكله يضحكني .. ماذا انا اضحك اشعر بسعادة ما سبب ذلك ..!
غريب لكن جميل ذهبت لأمي بابتسامة واسعة ..
أرى نظرات التعجب و الفرح في عينيها و خالتي تبتسم و تقترب لامي لتهمس لها
لقد وصل من سيخرجها ألم اخبركِ !
مر اسبوع و انا اترقب كل صباح خروجه فقد كان يجلس بالحديقة الامامية و بيده كتاب
كم أحببت شكله الظريف عندما يأتي جروه ليلعب حوله و يهتز الكرسي فيقع
ابقى اضحك على هذا المنظر دوماً مع انه يتكرر لكن لا اعلم فهو يسعدني
يوم الاحد اشعر بدوار حاد احاول النزول لامي لأخبرها عن هذا الامر انتابني شعور بالفتور بهدوء اغمضت عيني و لم ادرك ابدا اني وقعت من على سلم المنزل لم يكن احدا بالمنزل و انا لم اكن بوعي لكن الغريب أني استيقظت و انا على سرير ابيض و رائحة مشفى !
من ساعدني لم يكن هناك احد بالمنزل ..
ااه اشعر بألم في قدمي دخل الطبيب لي و معه شاب مألوف !
حينما التفت وجدته جارنا الذي يسكن امام منزلنا
ارتعش قلبي لم اعلم لما فقط احسست برجفة بداخل صدري الأيسر مع سعادة تغمرني رغم أني اتألم
قال الطبيب : جميل الحمدلله لم تصابي بأذى كبير انقذك مراد مرة اخرى اجعلي احدهم يبقى بالمنزل معك سقطتي فجأة فقط أصابك نزول حاد في ضغط الدم
بقى الطبيب يتحدث و أنا اتمتم داخل نفسي اخيرا عرفت اسمه ... مراد له
وقع خاص هذا الاسم جممميل
خرج الطبيب من غرفتي و بقي مراد
مراد : اتصلت بخالتكِ و والدتكِ المرة القادمة انتبهي جيدا ..
أنا لم استطع نطق حرف فلا قدرة لي على الكلام فقط ابتسمت بحنان
لماذا بنضر هكذا انه يوترني !
فجاءه رن هاتفه و خرج يتحدث .. ااه جيد فقد بدأت تلك النظرات توترني
مر يومي الغريب سريعا و اخيرا استلقي على سريري بصوتي القلبي اتلو تلك التمتمات
..
لوحاتي يا لوحاتي فقط ارسمي احلامي
الواني ايتها المتمرده التزمي آمآلي
ترتسم بسمت مريبه سببها خافي
نبضات قلبي دقيقة ليس عادي
وقعت ام اني نهضت هذا مالم ادركه !
سعدت أم اني توهمت هذا مالم افهمه ..
تختلط بداخلي اشياء صغيرة هذا ما اقلقه
جديده حقا اشعر أن حياتي الآن جديده
..
بصوت خافت و نور غامق انطفأت احاسيسي و نمت ..
حل الصباح بسعادة تغمرني و تكاد ان تغرقني استيقظ و انزل لمطبخ منزلنا اعد قهوتي و اخد بيدي تفاحتي و اصعد لأفتح نافذتي اترقب ذلك الشاب الذي اوقعني بشيء اعجز عن ذكره و معرفته !
و ككل يوم بنفس الكتاب منذ عرفته حتى الآن ..
كم هي جميلة لحظات السعادة منذ وقت طويل لم اشعر بها ..
لكن هكذا تقسم لنا الايام الفرح قليلاً و الحزن جماً و كثيراً ..
قاطع هدوء وقتي و ابتسامتي صوت باب غرفتي فتحت خالتي الباب بوجه حزين و دموع تسيل يدها ترتجف و اليد الاخرى على قلبها الذي يكاد من شدة نبضه المتألم يسكن داخل صدري !
لا اتكلم نظرت لي بأسى و بجملتها المحزنة حد الموت قالت ( ماتت أمك ) !
لم تقوى أن تراني انهار او ابكي فهربت نزولاً تركتني و قد كنت اصلاً لا اتحدث حتى اصرخ ..
فقط تلك الاشياء المتساقطة المالحة التى خرجت من عيناي تستقر على وجنتاي
حتى اشعر أن من شدت حرقتها قد طبعت لها أثر ..
ألتفت الي اسفل ذلك الشارع .. مراد ينظر و يبتسم تغيرت ملامح وجهه عندما
استدرت و كأنه اصيب بصدمة من منضر تلك الفتاة الباكية الصامتة ..
حسناً بهدوء وقعت امام نافذتي لم تحملني تلك القدمان لم تحتمل حواسي شدة الألم ..
و كأن غيوم سماء مدينتي تبكي فقد امطرت .. و صوت ذلك الرعد كأنه يصرخ
كأن الزهور تتكلم و الطيور تتلو لحن من قلبي عجزت أنا عن غنائه !
..
ماذا بعد يا حياتي ماذا بعد ؟
هل ستسلبينني حتى عيشي مع مماتي ..
سرقتي مني ابي و الان امي اجل اعلن وفاتي ..
روحي في جسدي و المشاعر تسافر حيث احبابي
صدمتني الدنيا بعد ان اوقفتني رياحك يا ذكرياتي
..
بقيت يومين بلا حراك على ذلك السرير بلا صوت بلا دموع حتى رمشات اجفاني ساكنه كأني اترقب صدمة اخرى توقف تنفسي و الحق بمن ذهبوا
قاطع صمتي المؤلم صوت رسالة في هاتفي المحمول !
من ذلك الذي يظن بحق اني اود التحدث .. ؟!
امسكت بهاتفي و افتح تلك الرسالة
كانت كذلك :
مرحبا ترتيل ..
اعتقد أن بداخلي لك مشاعر تريدك بخير .. !
أرجوكِ ليس لي بل لأمك التي رحلت التي كانت تريدك دائما بتلك الابتسامة
تلك الابتسامة تليق بك جميلة عندما تفعلينها فقط كوني بخير
أنا لم استطع زيارتك ولن افعل و أراكِ بهذا الحال .. شعرت بشيء داخل قلبي
ينغزني بشده عندما رأيت دموعك ذلك اليوم !
لا تسأليني لماذا تألمت لماذا ارسلت لماذا اهتم ..
كوني بخير حتى اكون انا بخير و حتى تكون أمك بخير فهي تتألم
لموتك حية بهذه الطريقه
تحيتي : مراد
..
انتابني شعور مريب مخيف سعيد لا لا لا اعلمه ما هو انا لم ادركه افلت هاتفي
من يدي بسرعة نزلت من درجات منزلي فتخت باب المنزل و بلا أي مبرر طرقت باب مراد !
من يدي بسرعة نزلت من درجات منزلي فتخت باب المنزل و بلا أي مبرر طرقت باب مراد !
فتح هو و ملامحه تصف الدهشة لرؤيتي اجل كم هو غريب ماحدث بلا شعور احتضنته باكيه بصوت !
اجل بصوت .. بصوت لا اعلم هو حزين ام سعيد فقط صوت ولاول مره منذ 15 سنوات
سمعت صوتي باكيه
خالتي بذهولها تبكي لا تعلم هل حزناً علي أم فرح لي
شعرت بدفء مراد الذي ضمني له و كأنه كان ينتظر هذه اللحظة
اجل أحبيتي ..
انتهت قصتي ..
بعد ذلك اليوم سمعت صوتي و بنفس ذلك اليوم تقد مراد لخطبتي
خالتي تعيش معنا تزوجنا انا و مراد لدينا طفلان رائعان سمر و عنان
اما انا اصبحت امتلك معرض لوحات كبير يضم كل اعمالي منذ تلك السنين
و اخيرا فهمت ذلك الشعور المتردد لي كان ( الحب )
مهما قست خيوط الحياة و جفت بحارها غيمة الحب تعيد لها الحياة
و مهما اختفت معالم الأمل فأن الحب يظهرها للعيان
..
كانت هذه قصة تلك الحزينة الرقيقة ترتيل
لنكمل ابيات الشعر المعلقة هناك :
انا عطشي كان رحيل الاعزاء
ظننت انه لا ترويه مياه
و حسبت أن الدموع عمياء ..
هيا كذلك افعال الحياة
تذيقنا سم الألم بالرخاء
و فجاءه تعود بترياق العطاء
انا نحلة اضاعت زهرة الرحيق
ولكن وجدت حديقة الزنبق
مهما دفنت احلامنا الذكريات
تنبش تربتنا رياح الأمنيات ..
و نزهر و ننمو و نبتسم فلما البكاء !
اكملت لكم قصةٍ و كتبت لكم قصيدةٍ و علمتكم حكمةٍ
( ليست الدموع هيا النهاية لكل شيء فربما هيا بداية كل شيء )
و هاهو قلمي يعلن توقفه
اتمنى أن في كل كلمة عبرةٍ قد تمنع عبرةً و تمسح دمعةٍ من اجفان يأس !
تحياتي .. تأليف غدير الجابري
0 التعليقات:
إرسال تعليق